رغبة عربية ـــ صينية في تطوير العلاقات الاقتصادية
تعتزم السعودية استغلال موقعها الجغرافي لربط البلدان العربية مع الصين، بعد إطلاقها طريق حرير عصرياً وجديداً لتحقيق نهضة شاملة للدول والشعوب وخلق فرص متنوعة وواعدة، في خطوة لزيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين، الذي وصل إلى نحو 430 مليار دولار في العام الفائت، بمعدل نمو 31 في المائة، مقارنة بعام 2021.
ونيابةً عن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، افتتح الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية، أمس، فعاليات الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين في الرياض، تحت عنوان «الاستثمار والتمويل من خلال مبادرة الحزام والطريق»، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين وصناع القرار في عدد من الدول.
تبادل الخبرات
وأكد وزير الخارجية حرص ولي العهد على رفع مستوى العمل للخروج بنتائج تليق بالشراكة العريقة والمتقدمة في جميع المجالات الاستثمارية الحيوية بين الدول العربية والصين.
ووفقاً للأمير فيصل بن فرحان، يعد المؤتمر فرصة للعمل على تعزيز وتكريس الصداقة العربية الصينية التاريخية، وبناء مستقبل مشترك نحو عصرٍ جديدٍ، يعود بالخير على الشعوب، ويحافظ على السلام والتنمية في العالم. وزاد الأمير فيصل بن فرحان أن الحدث يؤكد الأهمية البالغة والإمكانات الكبيرة والرؤى المشتركة التي تكمن في العلاقات الاستثمارية والتجارية بين العالم العربي والصين، ويسلط الضوء على كيفية التوافق المشترك وتبادل الخبرات وإطلاق فرص جديدة للنمو والاستثمار، التي من شأنها تحقيق الرخاء والتقدم والازدهار لشعوب المنطقة والعالم.
التبادل التجاري
وتطرق إلى الزيارة التاريخية الناجحة لفخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض مع نهاية العام المنصرم، التي زادت من توطيد الروابط بين البلدين في المجالات كافة، سواء السياسية أو الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، والتي تزامنت مع إطلاق أول قمة عربية صينية، وقمة خليجية صينية، اللتين أثمرتا كلتاهما عن توقيع كثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بقيمة تجاوزت 50 مليار دولار شملت مجموعة من القطاعات المختلفة.
وواصل أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر للدول العربية، كاشفاً عن بلوغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين الجانبين 430 مليار دولار في العام الفائت، بمعدل نمو 31 في المائة، مقارنة بعام 2021.
وأشار إلى أن المملكة تمثل ما نسبته 25 في المائة من إجمالي التبادل التجاري بين الصين والدول العربية، بقيمة إجمالية 106.1 مليار دولار في العام السابق، بمعدل زيادة 30 في المائة قياساً بـ2021.
شراكات مستدامة
من جانبه، ذكر المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار، أن رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لهذه الدورة، والمملكة ترأس هذا العام مجلس جامعة الدول العربية، تُجسد اهتمام قيادات العالم العربي بتعزيز العلاقات مع الصين، وتوسيع قاعدة ما حققته من نجاحات في أروقة السياسة والدبلوماسية، إلى الاقتصاد والاستثمار والتنمية الشاملة، ولتُسهم في خلق فرصٍ جديدة لشراكات مستدامة. وبحسب الفالح، يملك الوطن العربي من المقومات الحضارية والثقافية، والموارد البشرية والطبيعية، ما يؤهله لتبوؤ مكانة متقدمة وقيادية، وتحقيق نهضة شاملة للدول والشعوب في جميع المجالات.
استراتيجيات التنمية
واستطرد: «لكوننا الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط والأسرع نمواً في العالم خلال العام الماضي، فنحن اليوم ملتزمون بالعمل كجسر يربط العالم العربي بالصين، ويُسهم في نمو وتطور علاقاتهما، واستضافتنا لهذا الجمع الحاشد من القادة المتميزين من جميع أنحاء العالم العربي، ومن بكين، دليلٌ على ذلك». وأبان أن من أهم محركات النمو في السعودية هي استراتيجيات التنمية الاقتصادية المبنية على رؤية وطنية متميزة، والمرتكزة على خطط وبرامج تنفيذية قوية، كما تُمثّل نموذجاً سيسهم في إعداد المنطقة العربية للمستقبل.
صادرات الطاقة
ورحّب المهندس الفالح بمشاركة الصين في هذه النهضة التي تعد شاملة باتجاه النمو والتوسع، وتخلق فرصاً هائلة مستقبلاً، للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، موضحاً أن بلاده ستعمل معها لاغتنام الفرص الكبيرة المتاحة.
وواصل أن هذا التكامل والفرص ظاهران في النمو الاستثنائي للتجارة المتبادلة بين الصين والدول العربية، حيث أسهمت صادرات الطاقة من العالم العربي في دفع عجلة التنمية الصناعية في الصين. وفي المقابل، وصلت السلع المصنعة في بكين إلى كل منزل ومكتب ومصنعٍ في البلاد العربية.
وبيّن أن النمو في التجارة المتبادلة والتوافق في الاحتياجات والإمكانات يخلقان فرصاً كثيرة ومتنوعة وواعدة للاستثمار، مبيناً أن التحول الكبير الذي شهدته الصين باتجاه أن تصبح دولة تُصدّر الاستثمار ومَصدراً رائداً للابتكار ورأس المال، وآن الأوان لتكون بكين شريكاً استثمارياً رئيساً في مسيرة التنمية التي تشهدها المنطقة العربية.
الاستثمار الأجنبي
وأضاف الوزير الفالح أن الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه من الصين إلى الخارج نما بمعدل قدره 20 في المائة سنوياً، على مدار العقد الماضي، ليبلغ نصيب العالم العربي منه حوالي 23 مليار دولار، ولا تزال هناك إمكانية لزيادة تدفقات الاستثمار في الاتجاه الآخر، للاستفادة من سوق بكين الكبيرة والمزدهرة.
القمة العربية الصينية
من جهته، أفاد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن استضافة السعودية لهذا المؤتمر تأتي استكمالاً لجهودها الناجحة منذ عقد القمة العربية الصينية خلال العام الماضي في الرياض، مشيراً إلى أن مخرجات ذلك الحدث أعطت دفعة جديدة للتعاون العربي الصيني في مختلف المجالات.
وتابع أن العلاقات العربية الصينية تُعد تاريخية من خلال التعاون المشترك، لرغبة الطرفين في توطيدها على الأصعدة كافة، مفيداً أن آلية هذا المؤتمر كانت أولى الآليات التي أُنشئت في إطار منتدى التعاون العربي الصيني منذ انطلاقه عام 2004.
مناخ الاستثمار العربي
وتناول أبو الغيط أهمية هذا المؤتمر في تعريف رواد الأعمال بفرص الاستثمار المتاحة، ما يسهم في التنمية الاقتصادية بالدول العربية والصين، إلى جانب مستقبل الاستثمار واستكشاف السُبل المُثلى لتعظيم الفرص والإمكانات المتاحة والواعدة للجانبين العربي والصيني. وفيما يخص العمل العربي المشترك، أشار إلى أن الجامعة العربية اهتمت منذ عقود طويلة بتحسين مناخ الاستثمار العربي وخلق فضاء موحد، فضلاً عن جهودها لبناء شراكات مع التجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
شراكات استراتيجية
من ناحيته، كشف خوتشون خوا، نائب رئيس الهيئة الاستشارية السياسية في الصين، عن استعداد بلاده للعمل مع الدول العربية لتنفيذ نتائج القمة الصينية العربية الأولى، وبناء شراكة استراتيجية مشتركة على مستوى أعلى. ولفت إلى الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية التي تشهد تطوراً مستمراً بفضل الإرشاد الاستراتيجي للقادة، محققةً نتائج مثمرة في الأعوام الأخيرة، كما أصبحت نموذجاً للتعاون بين الدول لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري.